-A +A
احمد عائل فقيهي
هناك حالة اجتماعية وثقافية عربية عامة.. لا تحاول أن تنظر إلى الأمام.. إلى المستقبل وإلى صناعة اللحظة التي نحن فيها علميا ومعرفيا.. بحيث يمكنها فهـم المستقبل على ضوء فهـم الحاضر.. وكذلك فهـم الماضي وقراءته قراءة ماعنة دون أن يتحول هذا الماضي.. إلى تاريخ مقدس وتـراث أكثر قداسة..
مشكلة العرب الأساسية هي أنهم لازالوا أسرى الماضي.. وإن كل الحلول لابد أن نستقيـها ونستنبطـها من فكر وثقافة الماضي بحيث تحول هذا الماضي إلى نص مقدس وحالة لا يمكن الاقتراب منها وكأن كل ما استقـر في أذهان الناس من منتوج الذهنية العربية التراثـية هو منتج كامل يشكل النموذج والمـثـال لما ينبغي أن يكون عليه في ما هو سياسي وثقافي واجتماعي.

إن هذه النظرة تـتكرر في الأيديولوجية العربية المعاصرة بحيث يتـم النظـر إلى الانتماء الفكري والسياسي بوصفـه عقيدة.. وهذا مانراه في الذين ينتمون إلى الفكر القومي أو الناصري.. أو البعثي دون أن يشغلوا أو يكلفوا أنفسهـم بإعادة قـراءة هذا الفكر برؤية علمية وموضوعية بل على العكس هناك حالة من إضفاء القداسة على النصوص التي تعبر عن الذهنية الفكريـة الناصريـة والقومية والبعثية والحزبـية وعدم نقد الرموز الكبرى والأسماء التي تعبر عن حقبة الخمسينيات والستينيات والنظـر إلى هذا الماضي القريـب نظـرة لا تحاول أن تقوم بنقد هذا الماضي الأيديولوجي فكريا وسياسيا.. بل جعل هذا الماضي القريـب هو الحاضر دائما بالرغم من أن اللحظة السياسية والفكريـة والثقافية قد تجاوزته كثيرا. وإلى أبعد مدى في الغالب الأعم.
نحن بحاجة إلى إعادة نظـر في كل ما أنـتج وكتب في الحياة العربية على مستوى الخطاب السياسي أو الديني أو الفكري والثقافي، وقـراءة الماضي البعيد والقريـب قـراءة علمية وموضوعية دون إضفاء أو وضع هالة من القداسة على هذا الماضي.
إن العرب في حاجة حقيقـية إلى ثورة معرفية وعلمية عقلانية والدخول في لحظة العصر، لا هذه الثورات التي تحولت إلى فوضى حقيقـية تأكل الأخضر واليابس، والاحتياج أكثر لفهـم وقراءة الماضي والحاضر معا من أجل بناء مجتمع عربي جديـد يخرج من دوائـر الأيديولوجيات المغلقة والماضي المغلق أيضا..
ليكن التفكير العلمي والعقلانية سبيلنا إلى المستقبل.. وإلى بناء المجتمعات العربية.. بذاكرة ترى.. لا بذاكرة عمياء.